رسالة إلى رسالة
هذه التدوينة تحتوى على مجموعة من المعاني أوجهها في المقام الأول لنفسي ثم لزوارالمدونة الكرام
............................
منذ ما يقرب من أسبوعين تلقيت اتصالاً هاتفياً من جمعية رسالة
و قد سعدت كثيراً و أخبرتهم في الحال بأنني مستعد للمشاركة و خصوصاً أنني في فترة أجازة قصيرة و ليس عندي ما يشغلني
ذهبت أولاً للاجتماع التحضيري للمعرض لتلقي محاضرتين عن مهام المتطوعين في المعرض
ثم كان أول يوم من أيام المعرض و لاحظت شيئاً لا أعرف له تفسيراً و هو التواجد القوي للفتيات و التواجد الضعيف للشباب ، و هو الأمر الذي استمر خلال كل أيام المعرض و الأمر الذي ألاحظه كثيراً في أغلب الأعمال التطوعية ،، هل لدى أحدكم تفسير لهذه الظاهرة ؟
ركبنا السيارات و اتجهنا لمكان المعرض و وصلنا نحن المجموعة القادمة من فرع المهندسين و كان عددنا كبيراً لنلتقي أعداد أخرى كبيرة قادمة من فرعي المعادي و مصر الجديدة ، العدد أصبح كبيراً جداً يتعدى الـ 100 متطوع ، الأمر الذي أزعج المنظمين كثيراً ، و حين تحدث المنظمين عن العدد الهائل ، رد عليه أحد المتطوعين الغير مسئولين بشكل غير لائق مما أثار استياء المنظمين لتنتهي الأمور إلى غضب المنظمين و اتخاذهم قرار بألا يتعدى العدد المشارك خمس متطوعين فقط
و بالتالي طلب المسئولون من باقي المتطوعين مغادرة المعرض و بالفعل غادر المتطوعون المعرض إلى بيوتهم و لكن من حسن حظي أنني لم أغادر مباشرة ، حيث كان قاد حان موعد صلاة الظهر ، فتوجهت أنا و متطوع آخر كنت - قد تعرفت عليه هناك ، فهو من فرع مصر الجديدة - لأداء الصلاة سوياً و بعدها اقترح عليّ التجول في المعرض نشاهد المعروضات سوياً
و بعد الجولة توجهنا إلى مقر رسالة في المعرض و استأذناهم في أن نبقى معهم باقي اليوم فوافقوا
كم كنت سعيداً و حمدت الله أن كتب لنا أن نشارك في هذا العمل ، لأشهد بعد ذلك ما لم أتوقع أن أشاهده من نماذج أكثر من رائعة من الشباب و الفتيات المتطوعين الجادين العاملين لوجه الله لا لشيئ سواه و كان العدد يصل أحياناً إلى 15 متطوع بالكاد حتى لا يغضب المنظمون و يغلقوا لنا مكان العرض " البارتيشن "
فأرى هذا المهندس و صديقه الطبيب يقفان في المنطقة المفتوحة بالمعرض – الغير مكيفة – في عز الحر و الجو الخانق في الأيام الماضية يبيعان مناديل الكلينيكس الخاصة بالجمعية و التي يدخل ربحها لصالح الأنشطة المختلفة بالجمعية ، المنظر لا يختلف كثيراً عن ذلك المنظر المعهود في إشارات المرور
و أرى تلك الفتاة التي تقف على قدميها منذ بداية المعرض و حتى انتهائه تُعرف الزوار على الجمعية و أنشطتها ، لا تستريح إلا قليلاً بالقدر الذي يجعلها قادرة على مواصلة العمل لتقف مرة أخرى تقدم رسالة و تبيع مناديل الكلينيكس ، لا تضيع الوقت في الكلام مع أحد ، لا يهمها إطلاقاً جذب نظر أحد تتجه إلى بيتها في نهاية كل يوم غير منتظرة لكلمة شكر من أحد لتعود في اليوم التالي و تبدأ العمل بنفس الحماسة
و أرى هذه الأم العظيمة ( مدام / إ. ) التي ما تفتأ تنتهي من عملها و واجبات بيتها حتى تحضر إلى المعرض ، تجوب الشركات شركة تلو الأخرى تعرض عليهم نشاطات الجمعية و معها هذا الشاب و تلك الفتاة يحاولون استجلاب أي نوع من المساعدات للجمعية سواء كانت مواد خام أو مساعدات مادية و لا تنصرف مدام إ. إلا في نهاية اليوم
رأيت نموذجاً فريداً لشاب إخواني يعمل مع شاب سلفي في عمل واحد كليهما يضع شعار الجمعية على صدره ، يتعاونان و يتحابان و يتبادلان العمل بحب يريد كل منهما أن يستريح الآخر و يحمل عنه العمل ، لم يخطر ببال أحد منهما أي خلاف في وجهات النظر بل كانا يعملان سوياً يريد كل منهما الخير للآخر ، هل لاحظتم كيف أذابت رسالة الفوارق ؟!!
رأيت نماذج لشباب يعمل في صمت دون ضجة
رأيت نماذج لشباب يعمل بروح المقاتل
رأيت ( و في ذلك فليتنافس المتنافسون )
و في الوقت الذي يتسرب اليأس لأحدهم نتيجة التضيقات من المنظمين يبث الباقين جميعاً فيه روح الأمل
تسودهم جميعاً روح الفريق ، يجمعهم الحب في الله ، يربطهم حب الخير ، و الخير يتدفق من الجميع ، و لا مجال لأي اختلافات أيديولوجية ، فقط الجميع يعمل و يعمل و يكد
ليحقق هذا العدد الضئيل جداً ما حققه المئات في السنين السابقة ( هذا ما عرفته اليوم من على منتدى شباب الخير http://www.resala.org/forum/showthread.php?t=20074 )
كلمة لا أنسها :
حين قالت لي ( الآنسة / إ. ) : " كنت أرى الدنيا سوداء حتى حضرت و عملت معكم ، إنها أول مرة أشارك في أعمال رسالة و في العمل الخيري "
أنا عن نفسي لم أشارك على الانترنت خلال أيام مشاركتي في المعرض ، فكنت أخرج في الـ 9 صباحاً و أعود في الـ 1 بعد منصف الليل تقريباً ، لأتأكد من فكرة كثيراً راودتني ، و هي أن مشاركاتي الكثيرة على الإنترنت إنما هي نتيجة نوع أو آخر من الفراغ ، و لو كان لدي ما أعمله مثل ما عملت في هذه الأيام لقلت مشاركاتي على الانترنت و التي تسبب لي كثيراً " حرقة أعصاب " و لأصبحت أكثر سعادة بالأعمال التي أنجزها
إنها رسالة ، إحدى الجمعيات الخيرية أو إحدى مؤسسات المجتمع المدني ، نموذج ناجح يوجد مثله نماذج أخرى ناجحة و لكن قليلية تلك النماذج
رسالة نموذج ناجح حيث بدأت منذ ما يقرب من 8 سنوات في كلية الهندسة على هيئة أسرة ذات نشاط طلابي ، ليصل اليوم عدد أفرعها إلى 27 فرع و اثنين آخرين تحت الإنشاء بالإضافة إلى مركز طبي خيري و مستشفى خيري و أخرى تحت الإنشاء و مدرسة للصم و البكم و المعاقين ذهنياً الأحدث من نوعها في الشرق الأوسط تحت الإنشاء
ربما لو لم توجد رسالة لتوجه الكثير من الشباب توجهات غير مطمئنة أو نستطيع أن نقول توجهات منحرفة
نحن نعاني في الدول المتأخرة و الغير ديمقراطية ذات الأنظمة الشمولية التي تحكم الشعوب بالقبضة الأمنية من غياب مؤسسات المجتمع المدني ، ما قد يولد انفجاراً ذات يوم ،
نحن نعاني غياب الأحزاب ، نعاني غياب النقابات ، غياب الجمعيات الخيرية ، الجمعيات الأهلية
نعم كل ما سبق موجود لكن تواجد غير حقيقي
لكن ،،
رسالة متواجدة تواجد حقيقي و لكن لا يكفي
صناع الحياة متواجدة تواجد حقيقي و لكن لا يكفي
رؤية متواجدة تواجد حقيقي و لكن لا يكفي
نريد من الدولة أن تدعم هذه الجمعيات و ترفع عنها أي معوقات بيروقراطية متخلفة
أقدم الشكر لكل من شارك في هذا العمل الرائع و العظيم
و أسأل الله أن يجزيهم كل خير