الثلاثاء، ١ يوليو ٢٠٠٨

أوباما و عنصريته


" عندما يمتلئ كأس العذاب الإنساني ، فإنه لا يوجد ثمة مجال للمزيد "0


لست أدري كيف غابت هذه الجملة الشهيرة – التي ظل يرددها زعيم الأقلية السود ( مارتن لوثركينج ) – عن ذهن السيد باراك أوباما و هو يلقي خطابه أمام مجموعة الضغط اليهودية ( إيباك ) .0


حيث أدان ما تقوم به حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) من مقاومة للاحتلال الصهيوني ، و وصف ذلك بالإرهاب ، كما رأى أيضاً ببصيرته النافذة أن الشعب الفلسطيني عليه أن يعرف أين تكون مصلحته ، و أن يحسن الاختيار بعد ذلك ، و يتمسك بخيار السلام.

فهو الذي يبدو بمظهر المثقف الأنيق جاء اليوم ليُعلم الشعب الفلسطيني – الذي عاش و اكتوى بنار الاحتلال لمدة 60 عاماً – كيف يُقرر مصيره و كيف يُحدد اختياراته.

و نسي أن كأس ، بل بئر العذاب الإنساني للشعب الفلسطيني قد امتلئ و فاض منه الكيل منذ أمد طويل ، سواء من ذل و انتهاكات الاحتلال ، أو من وعود السلام المنقوص و الزائف .

فيبكي أوباما و يتباكى على الأطفال الإسرائيليين الذين تصيبهم الصواريخ الضعيفة للمقاومة الفلسطينية ، و لم تذرف عينه دمعة واحدة على أطفال الفلسطينيين و أطفال اللبنانيين الذين فتكت بهم الأباتشي و الإف 16 و غيرهما من المقاتلات و المدمرات و الصواريخ الفتاكة.و ينسى أيضاً ، أو يتناسى المذابح الإسرائيلية في حق الشعوب العربية ، و يسمي ذلك كله بالنضال و الكفاح اليهودي ، و الذي لا يمكن التخلي عن ثمرته اليوم.


و كان أغرب ما سمعته في خطاب أوباما ، تأكيده على ضرورة الإبقاء على هوية دولة إسرائيل كدولة يهودية ، و ما أثار الغرابة و الدهشة ، أن تلك الهوية اليهودية العنصرية تتناقض مع تاريخ السود الأمريكيين – و هو واحد منهم – في النضال ضد العنصرية البيضاء . و يبدو أوباما مرة أخرى متناسياً كيف مات ( لوثر كينج ) مناضلاص ضد العنصرية و الظلم ، باذلاً حياته ثمناً لذلك ، بينما يشتري أوباما الرضا اليهودي بثمن بخس من تأييد العنصرية ، متناسياً ذلك النضال لأجداده.


ثمة مقولة أخرى وردت في خطابه فحواها ( أفيقوا أيها العرب المغفلون ) ، و هي كما قال نصاً " إن الحفاظ على أمن إسرائيل مسألة يتقاسمها مع مرشح الحزب الجمهوري ، و أنها تتجاوز الولاء الحزبي "

لتكون هذه المقولة مبدأً جلياً أمام العرب و المسلمين و العالم كله.

و لن تتنازل أمريكا يوماً عن سلاحها الاستراتيجي الخطير و اختراقها الكبير للمنطقة العربية عبر امتدادها ( إسرائيل ) ، فإسرائيل هي السبيل الأقوى و الأفضل لتحقيق المصالح الأمريكية في المنطقة ، و سوف تظل إسرائيل التي تساندها أمريكا هي " البعبع " لكل المنطقة.فبعد محاولة الطيران الإسرائيلي قصف المفاعل النووي السوري ، و من قبله قصف المفاعل النووي العراقي ، و تهديدها الدائم بقصف منشآت إيران النووية ، ستبقى إسرائيل هي اليد الباطشة لأمريكا في المنطقة ، و لذلك ، كان على أوباما في خطابه هذا أن يشير إلى أن أمريكا لابد أن تضمن لإسرائيل دوماً تفوقاً عسكرياً في المنطقة.


هكذا و بوضوح ، يُظهر أوباما سياسات ليست بالبعيدة عن سياسات خصمه ( ماكين ) و من قبله ( جورج بوش ) تجاه قضايا العرب و المسلمين ، و حركات المقاومة في بلداننا.

حتى و إن بدا معارضاً للحرب ضد العراق ، فذلك ليس إلا حرصاً منه على مصلحة أمريكاً و اجتذاباً لصوت الناخب الأمريكي الذي رأى بعينه الجحيم الذي غاصت فيه القوات الأمريكية بل أمريكا ككل في العراق ، ليس حباً في العراق و رغبةً في تحريره ، ليس شفقة على العراق لما حل به من نكبة ، ليس انصافاً للمظلومين هناك .


أوباما الأمريكي الأسود ، الذي توقعنا أن يكون أكثر المرشحين رفضاً للعنصرية لما عاناه السود في أمريكا من ويلات العنصرية ، فاجئنا جميعاً بأنه من بين المرشحين في سباق الرئاسة الأمريكي – سواء على مستوى انتخابات الحزب الديمقراطي لمرشحه ، أو على مستوى انتخابات الرئاسة القادمة – كان أكثرهم عنصرية .