في المصيف
بيحلم
اتصل بي بعد أن قابلته صدفةً هناك ، سألني : أين أنت ؟
قلت له : في الشقة .
قال لي : ألازلت في الشقة ؟!! ، تعالى مسرعاً ، أنا في المكان
ذهبت ، ظللت أراقبه من بعيد ، إنه سارح بخياله ، ينظر في الأفق ، اقتربت منه ، فلاحظ وجودي ، و ابتسم
جلست بجواره على صخرة في وسط المياه و الوقت قد جاوز العصر بساعة
نظرت إلى ما ينظر
قلت له : المنظر يبعث الشجون في النفس و يشعرني بنوع من الحزن
قال لي : فكر في شيءٍ يجعلك سعيداً
فصمت بعض الوقت و قلت له : حاولت و فشلت ، ثم سألته : إذاً فيما فكرت أنت ؟؟؟
قال : فكرت في أن يكون لي أسرة
و مع معرفتي بأفراد أسرته جميعاً ، إلا أنني فهمت ما يقصد
قلت له : زوجة طيبة و طفل رائع و طفلة جميلة ، إنه شيءٌ رائع و جميل بالفعل يجعلك سعيداً
فاستدركني قائلاً : لم أفكر في كذلك و لكن أقصد أن يكون لي زوجة أكون أنا و هي في هذا المكان العام المقبل
ففهمت أنه لا يزال يبحث عن ذلك الحب ، ذلك الوهم الصعب .
صعب و غريب
كم هو جميل
كم هو مخيف
كم هو بسيط
كم هو عميق
ماذا أخذ مننا
و ماذا أعطانا
صعب أن أكون سعيداً بمن كان سبباً في غياب أناس نحبهم و حرماننا منهم
صعب أن أدرك أنه يلمسني كما لامسهم ، و أنه يضمني كما ضمهم
و أنه يغمرني كما غمرهم ، و أنه يُلاعبني كما لاعبهم
صعب أن أدرك أنه قتلهم و هو لطالما
ساعدني على تحمل الحياة
إنه البحر
رحم الله أخي أحمد الألفي و أسكنه فسيح جناته و ألحقنا به على الخير و الحق و الهدى
لوحة
اليوم الأخير في المصيف
استيقظت لصلاة الفجر
وجدت نفسي في نفس الضيق
الذي لازمني كثيراً في هذا المصيف
صليت ثم توجهت إلى ذلك المكان الساحر
حيث يلتقي النيل و البحر يعانق كل منهما الآخر
عند منطقة اللسان جلست
ونظرت إلى بيتها أنتظر أن تخرج منه كي ألقي عليها نظراتي كالعادة دون أن أكلمها كلمة
و أخذت أسبح الله في هذا المكان الجميل
و أثناء انتظاري رأيت شباباً يدخن السجائر
و يحكم ، كيف تعكروا هذا الصفاء بهذا الدخان المقيت ، كلمات دارت في داخلي ، فلم أكن لأكلم أحداً و أنا في انتظارها
رأيت مراكب الصيد عائدة من داخل البحر بعد أن أمضوا فيه الليل كله و الصيادون عائدون برزق الله لهم ، كيف أمضوا هذا الوقت في هذا المكان المخيف الموحش و في هذا الظلام الحالك ؟!!
و أيضاً رأيت ،،
رأيت عن يميني زوجان ذوا سمت إسلامي طيب
و عن يساري زوجان على العكس من ذلك
فأدركت أنه ما استمتع العاصي بشيء إلا و تمتع به الطائع و زاد عليه تقوى الله
و نظرت إلى الزوجين عن يميني ، كم هما رائعين جميلين - الزوجة كانت منتقبة علشان ماحدش دماغه تروح بعيد – كم هما حبيبين ، و قلت للزوج في نفسي ( احمد الله على ما أتم عليك من نعمة و اسأل الله لي الزوجة الصالحة التي تعينني على أمر الدنيا و أمر ديني
و أخيراً و بعد طول انتظار ، خرجت التي جلست أنتظرها من بيتها جميلة مشرقة زاهية كعادتها ، شعرت بالغيرة لما رأيت الجميع حولي ينتظرونها مثلي
و اكتملت اللوحة عندما اكتمل قرص الشمس و صار يصبغ ماء البحر بلون أجمل من لون الذهب و توسط المنظر مركب صغير بسيط بمجدافين بسيطين و ارتفع سرب من الطيور تسبح في السماء
لم أتمنى أن تكون الكاميرا معي في أي لحظة في حياتي كهذه اللحظة لألتقط هذه اللوحة التي تعجز الكلمات عن وصف جمالها ، سبحان من أبدعها و صورها
جزاها الله خيراً
تذكرت كثيراً الموقف الذي روته في تدوينتها وراء الشجرة
إيجابية
و ذاتية
و غيرة على الإسلام
و نهي عن المنكر
تكررت أمامي مواقف عديدة منذ أن قرأت تدوينتها ، و لكن لم أتحرك كعادتي و عادة الكثيرين غيري ، ربما ليست مواقف شبيهة بالذي روته ، و لكن كان يجب أن يكون لي تحرك مثل ما تحركت
حتى جاء الموقف الذي لم أستطع أن أقاوم هذا الإلحاح الداخلي المتراكم لدي كي أتحرك كما تحركت هي من قبل
هذا الرجل الذي ربما يتجاوز الأربعين أو الخمسين ، يسب الدين في محادثته لشخص آخر عبر التليفون المحمول ، مرة ثم الثانية و أنا أشعر بضغط داخلي ، ثم الثالثة و هذا الإلحاح يزيد ثم الرابعة و ما كاد ينطقها حتى تحرر لساني من سجن الخجل و نهرته بقوة عن سب الدين و لم أتخيل أن أرى الرجل قد خجل و ذهب بعيداً عن سمعي و نظري ، و شعرت بعزة و قوة ، عزة الإسلام و قوة الحق
جزى الله أختنا سالي كل خير ، فأخيراً تحررت من مشكلة لازمتني سنين لأشعر أنني أصبحت بفضل الله و بسبب أختنا سالي قوياً في الحق
إحساس
و طيلة أيام الرحلة و أنا بين أهلي
أبي و أمي و عمي و أبناءه
حتى عندما التقيت صديقي هناك على غير سابق موعد أو اتفاق
لم يلازمني طيلة هذه الأيام إلا شعور واحد
هو أنني وحيد
وحيد بين أهلي
و حيد مع صديقي
وحيد أمام البحر
وحيد تحت الشمس
وحيد بين الناس
و حيد في نفسي
و بداخلي وحيد
و لا أعرف ما السبب
إلا أنه شعوري و إحساسي
أنني وحيد