رحلة مع معنى ....العبادة فى الأسلام
عندما يقابل الأنسان فى الحياة كلمات جديدة فى معناها أو فى مدلولاتها يجد نفسه يتوقف قليلا لكى يفكر و يستوعب هذا المعنى الجديد الذى قد يغير فى ملامح شخصيته أو قد يصل الأمر الى تغيير أسلوب حياته بالكامل ولكن الغريب عندما يقابل كلمة لطالما سمعها تتردد أمامه كما يتردد اسمه و طالما سمع الناس يرددونها من حوله فى مواقف كثيرة فى الحياة لكى يسأل نفسه مصادفة عن معناها ليكتشف فى النهاية أنه لا يعرف معناها الكامل أو لا يستطيع تحديد معناها الصحيح!!!! ,هذا هو ما حدث معى بالضبط عندما كنت أتوقف قليلا فى مراحل حياتى المختلفة لكى أسأل نفسى عن معنى كلمة العبادة لكى أجد أن معناها يختلف كلما ازدادت خبرتى البسيطة فى الحياة وكلما قرأت قليلا فى محاولة منى لكى أعرف معناها الصحيح
فما حدث لى فى محاولة الوصول للمعنى الصحيح لهذه الكلمة أشبه برحلة قصيرة بدأت عندما فاجأتنى والدتى و أنا فى الخامسة من عمرى و قالت أنك لا بد أن تتعلم الصلاة و تذهب الى المسجد فسألتها بمنتهى البساطة و لماذا نفعل ذلك فردت على قائلة لكى نعبد الله .....لم أستوعب هذا الرد ولكنى كلما ذهبت الى المسجد ووجدت أناسا يصلون قلت لنفسى هؤلاء يعبدون الله و لا بد أن أعبد الله مثلهم كما قالت لى أمى
هكذا استمررت فى الصلاة (أو فى عبادة الله) حتى وصلت الى السن الذى بدأت فيه أستوعب تصرفات الأشخاص من حولى ......لم أفهم فى هذا الوقت بعض الأشياء منهم من له أخلاق سيئة و أسلوب غير مهذب على الأطلاق خارج المسجد ومنهم من يؤذى جاره و يفترى عليه كذب ومنهم...... وهكذا
هؤلاء يعبدون الله !!!!!.......من هذه النقطة بدأت أستوعب الفرق بين العبادة و الصلاة بدأت أفهم فى هذا الوقت أن الصلاة تعتبر من العبادة و لكن العبادة ليست صلاة فقط لأن هؤلاء الأشخاص يصلون لله ولكنهم حسب فهمى فى ذلك الوقت لا يعبدون الله حق عبادته.
بدأت بعدها أقرأ فى كتب العقيدة تارة و فى كتب اللغة تارة ....ولكن المعنى الذى كنت أجده هو معنى الكلمة فى حد ذاتهاوكيفيتهاو.....و هذا لم يضف اجابة كافية عن تساؤلاتى , وفى احدى قرأتى عن العالم اينشتين قرأت فيها مقولة له "ان الشعور الدينى الذى يتملك الباحث فى الكون هو أقوى حافز على متابعة البحث العلمى و دينى هو اعجابى-فى تواضع- بتلك الروح السامية التى لا حد لها تلك التى تترائى فى التفاصيل القليلة الضعيفة العاجزة هو ايمانى العميق بوجود قدرة عاقل مهيمنة تترائر حيثما نظرنا فى هذا الكون المعجز للأفهام" وجدت أن هذا العالم على يقين تام بوجود الله رأه فى قدراته المبدعة فى صناعة هذا الكون و أحسست فى تلك اللحظة أن المعنى بدأ يتضح نعم...ارتباط معنى العبادة باليقين و أنه لن يتم تحقيق معنى العبادة الصحيح لله الا باليقين به سبحانه و تعالى و لن أجد ما أعبر به أبلغ من مقولة قرأتها للأمام الغزالى رحمه الله فى احدى مقالاته عن معنى تلك الكلمة " العبادة أن تعرف ربك من خلال دراستك لكونه الكبير ثم تجعل نفسك و الكون المسخر لك فى خدمة دين ربك و تثبيت تعاليمه فيما تحت يدك " فتمام العبادة لن يتم الا بتمام معرفة الله و تمام معرفته تقتدى دراستنا المتأنية فى كونه الفسيح ومن هنا بدأت أفهم أن الصلاة و الصوم و.....جميع المناسك التى شرعها الله لنا ليست عبادة فى حد ذاتها و لكنها مناسك لعبادته و أنها لن تتم على وجهها الصحيح الا عندما تكون تطبيق لمعرفة تامة لمعنى العبادة الصحيح الذى يتمثل فى اليقين بالله و تمام المعرفة به و اعمار الكون الذى نرى فيه قدرته و دليل وجوده , و أختم حديثى عن هذه الرحلة القصيرة بمقولة للأمام ابن القيم رحمه الله "كيف يجتمع العلم و اليقين و يتأخر العمل" أى أنه كيف للأنسان أن يجتمع له اليقين بالله و تمام العلم به و يتأخر العمل الذى تتم به تمام العبادة له عز و جل.........وفى النهاية أريد أن أطلب من كل شخص قرأ هذه الكلمات تعبير صريح جدا جدا عن رأيه سواء من حيث الفكرة أوالأسلوب لأنه كما قال صديقى عمرو( الله يسامحه هو اللى أقنعنى بموضوع التدوين) أن هذه هى أول مرة أدون فيها و احتمال كبير تكون اخر مرة لو تيقنت انى لست على المستوى المطلوب للدخول الى عالم المدونيين .جزاكم الله خيرا